بقلم: المهندس مصطفى كامل الشريف
مستشار في أمن المعلومات والشبكات
المقدمة
أرجوا الأنتباه … المقال مهم جداً ويخص الابتزاز الرقمي والمعلومات الواردة مهمة جداً من أجل الحذر…
في عالمٍ رقمي لا يكفّ عن التطور، لم تعد صورنا تذكاراتٍ شخصية فقط، بل أصبحت مواد خام لصناعة رقمية خفية، تُنتج الكوابيس من الذكريات. لقد أصبحت البيانات المرئية – تلك التي تبدو بريئة – وقودًا لتقنيات ذكاء اصطناعي تنمو في الخفاء، وتنحرف عن مسارها الأخلاقي في أيدي مجرمين ينشطون في مساحات الإنترنت المظلم.
قبل أسبوع، حذرتُ في مقالي “نظرة سيبرانية على تحويل الصور الكرتونية وخطر التزييف العميق“ من التطبيقات الترفيهية التي تطلب تحميل صورك لتحولها إلى أشكال كرتونية، وبيّنت كيف أن هذه الصور تُخزّن غالبًا على سيرفرات خارج السيطرة، وقد تُباع أو يُساء استخدامها دون علمك.
لكن الخطر لم يتوقف عند هذا الحد، بل تطور إلى ما هو أبعد حيث أنه صورة واحدة فقط كافية لتوليد صورة مزيفة فاضحة تُنسب إليك زورًا، باستخدام تطبيقات تكنولوجية مخيفة، أبرزها ما بات يُعرف في الأوساط السيبرانية بـتطبيقات الابتزاز الاليكتروني . في مقالي هذا سوف أطلق على التطبيق أسم “تطبيق القناع الأسود – Black Mask” لا أريد ذكر أسم التطبيقات الصريحة و اثير فضول البعض لذهاب و البحث عنها أو لتجنب الترويج له قد يستغلها المجرمون.لذلك اسم القناع الاسود اسم وهمي من وحي خيالي.
1. تطبيق القناع الأسود – قناع التكنولوجيا وسلاح الجريمة
تخيل أن صورة سيلفي ترتدي فيها ملابسك اليومية، يمكن أن تُحوّل خلال ثوانٍ إلى صورة مزيفة تظهر فيها وكأنك عارٍ، ثم تُنشر على منصات خفية أو يُبتزك بها مقابل صمتك.
هذا ليس خيالًا علميًا، بل واقع رقمي مظلم يستخدم الشبكات التوليدية العدائية (GANs)، وهي تقنيات ذكاء اصطناعي تطورت من تحسين الصور الطبية إلى أدوات تدمير السمعة والخصوصية.
تطبيق “القناع الأسود” لا يتوفر في متاجر التطبيقات العادية، بل يُباع أو يُوزع في الإنترنت المظلم، عبر شبكات تعمل على:
- الابتزاز الجنسي الرقمي (Sextortion).
- إنتاج مواد إباحية مزيفة لأشخاص حقيقيين.
- تصفية الحسابات السياسية أو الشخصية عبر صور مفبركة.
2. كيف تعمل هذه التطبيقات؟ – التكنولوجيا التي خرجت عن السيطرة
تعتمد هذه التطبيقات على شبكات توليدية عدائية (GANs) تتكوّن من شبكتين عصبيتين:
- الشبكة الأولى: تُنتج صورًا مزيفة.
- الشبكة الثانية: تُحاول اكتشاف الزيف في الصورة التي تم توليدها وتعيد تصحيحها.
ومع التدريب، تصبح الصور المزيفة واقعية بشكل مخيف.
كيف تُنتج هذه الشبكات التوليدية صورة فاضحة مزيفة؟
- تحليل الملامح من الصورة الأصلية.
- مطابقتها مع قاعدة بيانات تحتوي صورًا جنسية حقيقية أو مصطنعة.
- تطبيق تقنية نقل النمط (Style Transfer) أو “التعري الاصطناعي”.
- إنتاج صورة نهائية تبدو حقيقية رغم أنها مفبركة بالكامل.
النتيجة تكون صورة زائفة مدمّرة، تُستخدم لابتزازك أو تشويهك، دون أن تكون قد ارتكبت شيئًا.
3. من يقف خلف هذه التطبيقات؟ – خيوط الجريمة في الإنترنت المظلم
هذه التطبيقات لا تقف خلفها شركة معلنة، بل منظومة إجرامية غير مركزية مكوّنة من:
أولاً: مطورو الخوارزميات الإجرامية
- مبرمجون سابقون بخبرة عالية.
- يطورون أدوات توليد المحتوى الجنسي باستخدام GANs.
- يُشفّرون البيانات لتفادي التتبع.
- أسماءهم المستعارة الشائعة: DrVoid، N3uralFox، BioMorph.
ثانيًا: موزعو التطبيقات في الإنترنت المظلم
يبيعون التطبيقات مقابل عملات رقمية مثل بيتكوين Bitcoin أو في اغلب الاحيان يعتمدون على العملة المشفرة مونيرو (Monero) هي عملة رقمية مشفّرة أُطلقت عام 2014، وتُعرف بتركيزها الكبير على الخصوصية وإخفاء الهوية. بخلاف العملات الرقمية التقليدية مثل بيتكوين، التي تكون معاملاتها مرئية وقابلة للتتبع عبر شبكة البلوكتشين، تعتمد مونيرو على تقنيات متقدمة مثل التوقيعات الحلقية والعناوين المخفية والمعاملات السرية لإخفاء هوية المرسل والمستلم، بالإضافة إلى قيمة المعاملة نفسها.
تُستخدم مونيرو في العديد من الحالات التي تتطلب سرية تامة، سواء لأغراض مشروعة كحماية الخصوصية الشخصية، أو في بعض الأنشطة غير القانونية عبر الإنترنت. ولهذا السبب، تُصنَّف مونيرو كواحدة من أكثر العملات الرقمية تركيزًا على الخصوصية في العالم الرقمي.ويفضل التعامل بها المجرمون الرقميون.
أين ممكن أن يتواجدون موزعو التطبيقات؟ يتواجدون في
- منتديات سرية مشفرة.
- قنوات تيليغرام مغلقة.
- أسواق مظلمة .
- (الاسماء لنقاط الثلاثة أعلاه معروفة عندي لكن لا أريد ذكرها لدواعي أمنية)
ثالثًا: المستفيدون من الصور المزيفة
- مبتزّون جنسيون.
- موزعو محتوى إباحي مفبرك.
- جهات سياسية تستهدف شخصيات عامة.
كيف تحمي هذه الشبكات نفسها؟
- شبكات خاصة أعرفها لكن لا اريد ذكر أسمائها وVPN.
- خوادم ذاتية التدمير.
- دعوات مغلقة وصلاحيات محددة.
- مدفوعات مشفّرة غير قابلة للتتبع.
4. شرح تقني بمنهج تحقيق جنائي رقمي
أولًا: الهيكل العام للتطبيق
تطبيق مثل “القناع الأسود” يتخفى في شكل أداة تعديل صور ووضع فلاتر جميلة للصور ويكون مجاني لمدة اسبوع ليجذب المستخدم لرفع اكبر عدد ممكن من الصور خلال الفترة المجانية، لكنه في الحقيقة هو عبارة عن منظومة ذكاء اصطناعي إجرامية.
ثانيًا: المكونات التقنية
تركيب الواجهة الأمامية والخلفية البرمجية :جميع التفاصيل حجبتها عن النشر لأسباب أمنية،
لكن أشرح لكم الآلية التي يتم فيها العمل وهي كالآتي:
- الصورة تُرفع من المستخدم.
- تُعالج عبر GANs وStyle Transfer.
- تُحفظ النتيجة المزيفة في خوادم خارج السيطرة.
- يتم استغلالها لاحقًا دون علم الضحية.
رابعًا: من يقف وراءها؟
- عصابات الابتزاز الإلكتروني.
- مجرمو الابتكار السيبراني.
- جهات تمتلك أجندات سياسية خفية كضرب الخصوم السياسيين و غيرها من انواع الابتزاز.
نصيحتي لكم:
في زمن الصورة الرقمية، صورتك هي هويتك… فلا تفرّط بها وترفعها باي تطبيق لمعالجة الصور.
5. الآثار المجتمعية والنفسية وطرق الوقاية السيبرانية
أولاً: التأثيرات النفسية
- اكتئاب، عزلة، اضطرابات قلق.
- فقدان الثقة في التكنولوجيا.
- مخاطر أخلاقية في غياب تشريعات واضحة.
ثانيًا: الوقاية السيبرانية للأفراد
- لا ترفع صورتك لأي تطبيق غير موثوق.
- استخدم أدوات كشف التزييف مثل Hive Moderation.
- راقب صلاحيات التطبيقات دائمًا.
- استخدم بريدًا منفصلًا، ومصادقة ثنائية، وتجنب الروابط المشبوهة.
ثالثًا: الوقاية المجتمعية والمؤسساتية
- التعليم الرقمي المبكر.
- حملات توعية شبابية وإعلامية.
- قوانين تجرّم التزييف العميق وتتيح تعويضات للضحايا.
التوصية الختامية
لا تُحمّل صورتك في تطبيق لا تعرف من صمّمه، ولا تظن أن كل ما هو شائع وترند يعتبر آمن…أخطر التطبيقات هي تطبيقات التي تتصدر الترند . مثلا يصادفكم دائماً أعلان عن تطبيق ( هل تريد معرفة من يزور صفحتك في الفيسبوك او الوتساب) . هذه اكثر الخدع لأختراقكم و سرقة بياناتكم.
لا تنشرون صوركم في اي وسيلة تواصل اجتماعي لأنها سوف تسرق. أذكركم بهذا الجزء من مقالي السابق عن هذه الشركة الأمريكية التي تدعى Clearview AI قامت بجمع أكثر من 3 مليارات صورة من الإنترنت عبر تقنيات الزحف الإلكتروني في عام 2020 أما الآن 2025 يُذكر حسب مصادر صحفية أستقصائية إن الشركة لديها الآن أكثر من 20 مليار صورة وجه لأشخاص من مختلف أنحاء العالم أي عدة صور لكل شخص دون أي إذن من أصحاب الصور، بهدف بناء خوارزميات ذكاء اصطناعي خارقة في التعرف على الوجوه. هذه التقنية، التي استُخدمت من قبل الشرطة والاستخبارات وحتى شركات خاصة، حولت الصور العادية إلى أدوات مراقبة واختراق خصوصي.تعرف على أنها شركة ليست تابعة للحكومة الأمريكية تأسست عام 2017 على يد Hoan Ton-That، وهو مبرمج أسترالي. طيب أذا هذه شركة واحدة ويديرها مبرمج أسترالي و فريق صغير جمعت 20 مليار صورة .كم صورة سوف تجمع وكالات الاستخبارات العالمية . ربما أكون مزعج في تحذيراتي خاصتاً من الاصدقاء و المقربين لي لكن آخر القول أنصح بالخصوص كل سيدة و فتاة و بالعموم كل مستخدمين وسائل التواصل الاجتماعي أقول لهم
الحذر… الحذر… الحذر من نشر صوركم في وسائل التواصل الاجتماعي