في ظل الاخبار التي تنشر يومياً عن دراسات تأكد مخاطر الأدمان الأليكتروني بسبب التطور التكنولوجي السريع الذي نشهده اليوم، باتت مخاطر التكنولوجيا على الأطفال والشباب مسألة تحظى باهتمام بالغ من قبل أولياء الأمور والمختصين على حدٍ سواء. إن الاستخدام المفرط للأجهزة الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي لا يؤثر فقط على الأداء الأكاديمي والنفسي للمراهقين، بل يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات في سلوكهم وصحتهم الدماغية. فيما يلي نقدم مقالة شاملة تربط بين دراسة ألمانية حديثة ومقال سابق نشرته على مدونتي www.itach.dk حول «المخدرات الرقمية»، لتسليط الضوء على المخاطر التي قد تهدد جيل المستقبل.
مخاطر التكنولوجيا على الأطفال والشباب
يعيش أطفالنا وشبابنا في عصر تسود فيه التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي، مما يجعلهم أكثر عرضة للتأثر بالمحتويات الرقمية المتنوعة. إن الاستخدام غير المتوازن لهذه الوسائل قد يؤدي إلى ظواهر مثل الإدمان الرقمي، والذي أثبتت له الدراسات الحديثة خطورته مقارنة ببعض المواد التقليدية مثل الكحول ومخدر القنب. إن أولياء الأمور بحاجة إلى فهم دقيق لهذه المخاطر ومتابعة نشاطات أبنائهم الرقمية لتفادي النتائج السلبية على صحتهم النفسية والجسدية.
الدراسة الألمانية: تأثير وسائل التواصل الاجتماعي
أشارت دراسة ألمانية حديثة إلى أن الإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية بين المراهقين يمثل خطرًا أكبر بكثير مقارنة بتعاطي المواد المخدرة مثل الكحول والقنب. فقد أظهرت النتائج أن نسبة المراهقين الذين يعانون من إدمان هذه الوسائل تفوق تلك الخاصة بتعاطي المخدرات بمعدل يتراوح بين 5 إلى 50 مرة. وقد أشار الخبراء في الدراسة إلى أن التحفيز المستمر لنظام المكافأة في الدماغ من خلال التفاعل مع المحتوى الرقمي يؤدي إلى تغييرات سلوكية وعصبية قد تكون دائمة.
المصدر: نص الدراسة الألمانية كما ورد في تقارير إعلامية أذكرها أدناه
أظهرت دراسة ألمانية حديثة أن التطبيقات الإلكترونية مثل تيك توك، إنستغرام، يوتيوب، والألعاب الإلكترونية تشكل تهديدًا أكبر على المراهقين مقارنة بالمشروبات الكحولية وتعاطي القنب.ووفقًا للدراسة، يعاني أكثر من ربع المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و17 عامًا من استخدام مفرط أو مفرط للغاية لوسائل التواصل الاجتماعي، في حين يُظهر 4.7% منهم علامات إدمان حقيقي على هذه المنصات.أوضح رينير توماسيوس، المدير الطبي للمركز الألماني لحالات الإدمان في الطفولة والمراهقة بجامعة هامبورغ-إيبيندورف، أن “نحن أمام تسونامي من اضطرابات الإدمان بين صغار السن، وأعتقد أننا نقلل من حجمها بشكل كبير.”وأشار توماسيوس إلى أن نسبة الإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي تفوق استهلاك القنب والكحول بين المراهقين بمعدل يتراوح بين 5 و50 مرة.على الرغم من أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لا يؤثر مباشرة على الجهاز العصبي المركزي مثل الكحول أو القنب، إلا أنه يُنشط “نظام المكافأة” في الدماغ، مما يزيد من خطر الإدمان وفقدان السيطرة على الاستخدام.
تهديد آخر وهو المخدرات الرقمية: مقال سابق لي منشور هنا في مدونتي ITACH
في سياق متصل، تناولت في مقالة نشرته سابقًا على صفحتي على مدونتي itach ظاهرة «المخدرات الرقمية»، (المخدرات الرقمية: الصوت الذي يخدع العقل – لقراءة المقال أضغط هنا)حيث تم التركيز على ملفات صوتية تتميز بذبذبات متفاوتة بين الأذن اليمنى والأُسرى. هذه الذبذبات ليست مجرد أصوات عابرة، بل يُعتقد أنها تُحدث حالة من النشوة وفي نفس الوقت تسبب خللاً في الوظائف الدماغية. وقد وضحت المقالة كيف يمكن أن تُستخدم هذه التقنيات كأداة للتحفيز غير الطبيعي للدماغ، مما يفتح الباب أمام تأثيرات سلبية مشابهة أو حتى أكثر حدة من تلك التي تنتج عن الإدمان على المواد التقليدية.
الربط بين المخاطر: من وسائل التواصل الاجتماعي إلى المخدرات الرقمية
إن الربط بين الدراسة الألمانية ومقال المخدرات الرقمية يكشف عن واقع مشترك يشير إلى أن التكنولوجيا ليست مجرد أدوات ترفيهية، بل تحمل في طياتها مخاطر صحية ونفسية جسيمة. يمكن تلخيص هذه النقاط على النحو التالي:
- الإدمان الرقمي: يؤدي الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية إلى تحفيز مستمر لنظام المكافأة في الدماغ، مما يزيد من احتمالية الإدمان.
- التأثير على الصحة الدماغية: كما أن الملفات الصوتية التي تعتمد على ذبذبات متباينة قد تؤثر على الوظائف الدماغية، مسببة خللاً وتغيرًا في الحالة العقلية.
- التداخل بين العوامل: كلا الظاهرتين يظهران أن التكنولوجيا الحديثة قد تتجاوز حدود الاستخدام الترفيهي لتؤثر على الصحة النفسية والعصبية للمراهقين، مما يتطلب رقابة ومتابعة دقيقة من قبل أولياء الأمور.
توصيات لأولياء الأمور
- المتابعة الدائمة: يجب على الأهل مراقبة النشاطات الرقمية لأبنائهم والتواصل المستمر معهم حول المحتويات التي يتعرضون لها.
- التوعية والشرح: ينبغي توعية الأطفال بالشكل الصحيح عن مخاطر الإدمان الرقمي والآثار الصحية المحتملة، سواء كان ذلك من خلال الأبحاث العلمية أو الأمثلة العملية.
- تحديد الوقت: وضع حدود زمنية لاستخدام الأجهزة والابتعاد عن الإفراط في مشاهدة وسائل التواصل الاجتماعي.
- تنويع الأنشطة: تشجيع الأطفال والشباب على ممارسة الأنشطة البدنية والهوايات الأخرى التي لا تعتمد على الشاشات.
الخاتمة
في نهاية المطاف، تُعد التكنولوجيا سلاحًا ذا حدين؛ فهي توفر فرصًا هائلة للتعلم والترفيه، لكنها تحمل معها مخاطر صحية ونفسية لا يمكن تجاهلها. إن الدراسة الألمانية ومقال المخدرات الرقمية يسلطان الضوء على ضرورة الوعي والمراقبة الفعالة من قبل أولياء الأمور. بتوفير بيئة متوازنة وداعمة، يمكننا حماية أطفالنا من الوقوع في فخ الإدمان الرقمي وتبعاته الصحية على المدى البعيد.
المصادر:
- دراسة ألمانية حول مخاطر وسائل التواصل الاجتماعي
- مقال عن المخدرات الرقمية (المخدرات الرقمية: الصوت الذي يخدع العقل) منشور في مودونتي www.itach.dk