مقدمة
قبل الدخول في الدراسة يجب تقديم نبذة عن أول “حرب بالذكاء الاصطناعي” في التاريخ يخوضها الكيان الصهيوني في غزة ولبنان وهو السبب الرئيسي لبحثي في هذا الموضوع.
“أول حرب في التاريخ يستخدم فيها الذكاء الاصطناعي يخوضها الكيان الصهيوني في غزة ولبنان
في الحرب الحالية التي يشنها الكيان الصهيوني ضد غزة ولبنان، تلعب تقنيات الذكاء الاصطناعي دورًا رئيسيًا في العمليات العسكرية. الكيان الغاصب يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحسين دقة واستجابة قواتها في الميدان عبر استخدامات متعددة مثل الطائرات بدون طيار (الدرونز) والتكنولوجيا السيبرانية وتحليل البيانات الضخمة.
أهم استخدامات الكيان الغاصب للذكاء الاصطناعي في حربه القذرة:
- الطائرات بدون طيار والأنظمة المستقلة: تُستخدم الدرونز المزودة بالذكاء الاصطناعي لجمع المعلومات الاستطلاعية والمراقبة وتنفيذ الهجمات بدقة، وهي قادرة على التحليق لمدد طويلة وتحليل الأهداف وتحديدها بشكل ذاتي قبل اتخاذ القرار بتنفيذ الضربات. هذه الدرونز أصبحت أداة رئيسية لضرب الأهداف في غزة ولبنان مع تقليل المخاطر البشرية على الجنود.
- تحليل البيانات الاستخباراتية: تقوم الأنظمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي بتحليل كميات هائلة من المعلومات من مصادر متنوعة مثل الأقمار الصناعية، الاتصالات، والمراقبة الميدانية. هذه التقنيات تتيح اكتشاف الأنفاق، المواقع العسكرية، والبنى التحتية للعدو، مثل استخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد مواقع حماس في غزة أو رصد تحركات حزب الله في لبنان.
- الدفاع والهجوم السيبراني: يعتمد الكيان الغاصب على الذكاء الاصطناعي في الدفاع السيبراني لصد الهجمات الإلكترونية التي تستهدف بنيتها التحتية، وكذلك في الهجمات الإلكترونية لتعطيل أنظمة العدو الحيوية. الهجمات السيبرانية المدعومة بالذكاء الاصطناعي تستهدف الشبكات والاتصالات العسكرية، مما يتيح تعطيل عمليات العدو قبل وقوعها.
- الأنظمة التوجيهية الذكية:الكيان الغاصب يستخدم أيضًا الذكاء الاصطناعي لتوجيه الصواريخ والذخائر بدقة بالغة إلى أهداف محددة. خاصة في المناطق المكتظة بالسكان مثل غزة.
من خلال هذه التقنيات، يسعى الكيان الغاصب إلى تقليل الخسائر البشرية من جانبها وزيادة دقة ضرباتها ضد الأهداف العسكرية والبنية التحتية للأعداء، مما يعكس تحولًا نوعيًا في ديناميكيات الحروب الحديثة المدعومة بالذكاء الاصطناعي
1) مقدمة: التحول التكنولوجي في الحروب الحديثة الى حروب الذكاء الأصطناعي

تطور الحروب من النزاعات التقليدية إلى الصراعات التي تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة:
شهدت الحروب تطورًا كبيرًا على مدى العقود الأخيرة، حيث تحولت من النزاعات و الحروب التقليدية التي تعتمد بشكل كبير على التفوق العددي والقدرات العسكرية التقليدية، مثل الجيوش الكبيرة والمدفعية الثقيلة، إلى نوع جديد من الحروب يعتمد بشكل أكبر على التكنولوجيا المتقدمة. هذا التحول كان مدفوعًا بالتطور السريع في مجالات الذكاء الاصطناعي، الروبوتات، الشبكات السيبرانية، والطائرات بدون طيار، مما غير طبيعة الصراعات بشكل جذري.
الحروب التقليدية كانت تركز على المعارك الميدانية بين جيوش نظامية، أما الحروب الحديثة فهي غالبًا ما تعتمد على استراتيجيات هجينة، تشمل هجمات سيبرانية، تكتيكات غير متكافئة، واستخدام الأنظمة غير المأهولة. أدت هذه التطورات إلى تقليل الاعتماد على الأعداد الكبيرة من الجنود والمعدات الثقيلة، وبدلاً من ذلك، أصبح التركيز على جمع المعلومات وتحليلها، والتنبؤ بحركة العدو، وتنفيذ هجمات دقيقة باستخدام أسلحة موجهة ومتطورة.
التعريف بالذكاء الاصطناعي (AI) ودوره المتزايد في إدارة الصراعات العسكرية:
يعد الذكاء الاصطناعي (AI) أحد أكثر التقنيات تأثيرًا في الحروب الحديثة. يعمل الذكاء الاصطناعي على تحسين القدرة العسكرية من خلال تمكين الجيوش من تحليل البيانات الضخمة، اتخاذ قرارات سريعة ودقيقة، وتحديد الأنماط التي يصعب على البشر ملاحظتها. كما يتم استخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير أنظمة قتالية مستقلة، مثل الطائرات بدون طيار والمركبات ذاتية القيادة، التي يمكنها القيام بمهام عسكرية معقدة دون الحاجة إلى تدخل بشري.
في الحروب الحديثة، يستخدم الذكاء الاصطناعي في المجالات التالية:
- تحليل بيانات الاستخبارات.
- توجيه الأسلحة الذكية بدقة عالية.
- شن الهجمات السيبرانية والدفاع عنها.
- تعزيز القدرة على تنفيذ المهام دون الحاجة إلى مواجهة عسكرية مباشرة.
2) تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الحروب
الأنظمة المستقلة:
أحد أبرز تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الحروب الحديثة هو تطوير الأنظمة المستقلة، التي تشمل الروبوتات القتالية والطائرات بدون طيار. تعتمد هذه الأنظمة على الذكاء الاصطناعي لأداء مهام قتالية خطرة دون الحاجة إلى تدخل بشري مباشر، مثل الاستطلاع، تنفيذ الهجمات الجوية، وتقديم الدعم اللوجستي للقوات الميدانية.
الروبوتات القتالية: يمكن لهذه الروبوتات تنفيذ مهام معقدة مثل تفكيك الألغام أو شن هجمات على أهداف محددة.
الطائرات بدون طيار (Drones): تُستخدم الطائرات بدون طيار بشكل واسع في جمع المعلومات الاستخباراتية وتنفيذ هجمات دقيقة ضد أهداف محددة، مما يقلل من الخسائر البشرية ويزيد من دقة الضربات.
تحسين قدرة الجيوش على تنفيذ المهام الخطرة دون تدخل بشري:
من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي، يمكن للجيوش تنفيذ مهام خطيرة، مثل الاستطلاع في مناطق معادية أو شن هجمات ضد أهداف محصنة، دون تعريض حياة الجنود للخطر. يُعزز الذكاء الاصطناعي من فعالية العمليات العسكرية عبر زيادة سرعة الاستجابة ودقة الأهداف، وتوفير المعلومات اللازمة لاتخاذ قرارات سريعة ومبنية على البيانات.
الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات:

تحليل البيانات الضخمة (Big Data): يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل كميات ضخمة من البيانات بشكل أسرع وأكثر دقة من البشر، مما يسمح بتحديد الأنماط والاتجاهات التي قد تكون غير مرئية للبشر. يساعد هذا في التنبؤ بحركة العدو والتخطيط العسكري بشكل أكثر فعالية.
التنبؤ بالتهديدات: من خلال تقنيات التعلم الآلي، يمكن للأنظمة المبنية على الذكاء الاصطناعي التعرف على أنماط هجمات محتملة أو تحليل حركة القوات، مما يوفر للقادة العسكريين رؤية أفضل حول الخطوات القادمة للعدو.
المركبات ذاتية القيادة في العمليات القتالية:
المركبات البرية: تستخدم المركبات ذاتية القيادة في تنفيذ مهام لوجستية مثل نقل الإمدادات والذخائر إلى الخطوط الأمامية، وكذلك المساهمة في العمليات القتالية المباشرة.
المركبات البحرية: السفن والغواصات ذاتية القيادة تُستخدم في العمليات البحرية لمهام مثل الدوريات، الاستطلاع البحري، وزرع الألغام البحرية.
3) الذكاء الاصطناعي في الدفاع السيبراني والهجوم السيبراني

الدفاع السيبراني:
الكشف عن الهجمات السيبرانية وصدّها في الوقت الحقيقي: تعتمد أنظمة الدفاع السيبراني المدعومة بالذكاء الاصطناعي على التعلم الآلي لتحليل البيانات الصادرة والواردة عن الأنظمة الرقمية والكشف عن الأنشطة غير العادية التي قد تشير إلى هجوم سيبراني محتمل. يتميز الذكاء الاصطناعي بالقدرة على التعرف على التهديدات الجديدة في الوقت الفعلي، مما يمكنه من ردع الهجمات بسرعة وفعالية.
التعلم الآلي لتحليل التهديدات: من خلال خوارزميات التعلم الآلي، يمكن لنظم الدفاع السيبراني تحسين قدرتها على اكتشاف الهجمات السيبرانية وتحليل سلوكيات الهجوم للتنبؤ بخطوات المهاجمين.
الهجوم السيبراني:
شن هجمات سيبرانية مستهدفة: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لشن هجمات سيبرانية معقدة تستهدف بنية العدو التحتية الرقمية. هذه الهجمات يمكن أن تكون مصممة بدقة لضرب نقاط ضعف محددة في الأنظمة التكنولوجية للخصم، مما يمكن أن يؤدي إلى تعطيل شبكات الاتصالات، الأنظمة المالية، أو البنية التحتية للطاقة.
التسلل إلى أنظمة العدو: يمكن للذكاء الاصطناعي استخدام تقنيات مثل الشبكات العصبية لتصميم برامج هجومية قادرة على تجاوز أنظمة الدفاع الرقمي، مما يسمح بالتسلل إلى شبكات العدو وإحداث أضرار جسيمة دون الحاجة إلى استخدام القوة التقليدية.
4) الذكاء الاصطناعي وصناعة القرار العسكري:
دور AI في تحليل سيناريوهات المعارك وتقديم توصيات استراتيجية:
الذكاء الاصطناعي يمكنه معالجة كميات ضخمة من البيانات المتعلقة بميدان المعركة وتحليل سيناريوهات متعددة بسرعة تفوق البشر. من خلال هذا التحليل، يمكن للذكاء الاصطناعي توقع احتمالات نجاح أو فشل عمليات عسكرية بناءً على معطيات فورية مثل تحركات العدو، الطقس، وتوافر الموارد. تتيح هذه القدرات للقادة العسكريين الحصول على توصيات استراتيجية قائمة على تحليلات دقيقة ومعقدة، ما يساعدهم على اتخاذ قرارات أكثر استنارة.
تعزيز دقة القرارات العسكرية على المستويات التكتيكية والاستراتيجية:
يمكن للذكاء الاصطناعي تعزيز دقة القرارات العسكرية عبر توفير تحليل فوري للبيانات الميدانية، مثل تحديد المواقع الأمثل للقوات، التنبؤ بخطوات العدو، وتقدير المخاطر على المدى القصير والطويل. هذا يسمح بتخطيط استراتيجيات عسكرية معقدة وتحسين فرص النجاح بأقل تكلفة بشرية. أيضًا، يُعزز الذكاء الاصطناعي القدرة على اتخاذ قرارات سريعة في ظروف متغيرة.
أهمية دمج AI في مراكز القيادة والسيطرة:
الذكاء الاصطناعي يمثل عنصرًا أساسيًا في مراكز القيادة والسيطرة (C2). عندما يتم دمج AI في هذه المراكز، فإنه يساهم في تنظيم العمليات العسكرية بشكل أكثر فعالية، سواء من خلال تحليل البيانات الحية أو إدارة التفاعلات اللوجستية المعقدة. هذا التكامل بين الذكاء الاصطناعي والبشر يرفع من كفاءة العمليات، ويساعد على تنفيذ المهام في أوقات قياسية مع تقليل الأخطاء البشرية.
5) أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في الحروب:
التحديات الأخلاقية المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي في النزاعات المسلحة:
استخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب يثير العديد من الأسئلة الأخلاقية. واحدة من أكبر المخاوف هي قضية المسؤولية عن القرارات القاتلة التي تتخذها الأنظمة الآلية. هذه الأنظمة قد تتخذ قرارات قد تؤدي إلى خسائر بشرية، لكن من الصعب تحديد من يتحمل المسؤولية في هذه الحالات – هل هي الجهة التي طورت الأنظمة، أم الجيوش التي نشرتها، أم حتى الأنظمة نفسها؟ أجرام الكيان الصهيوني الغاصب في غزة و لبنان يؤكد أنهم يستخدمون الذكاء الأصطناعي بدون أي أخلاقيات.
المخاوف من فقدان السيطرة البشرية:
أحد أخطر التحديات هو احتمال فقدان السيطرة البشرية على أنظمة الذكاء الاصطناعي المستقلة. نظرًا لسرعتها ودقتها، قد تتجاوز الأنظمة الآلية قدرة الإنسان على التدخل في الوقت المناسب لتصحيح الأخطاء، مما قد يؤدي إلى نتائج غير مقصودة أو كارثية. هناك أيضًا مخاوف من أن هذه الأنظمة قد تتعرض للاختراق أو أن تُستخدم بطريقة غير مقصودة من قبل أطراف معادية.
المسؤولية القانونية في حال ارتكاب أنظمة AI لأخطاء مميتة أو جرائم حرب:
القوانين الدولية الحالية المتعلقة بالحروب تتعامل بشكل رئيسي مع المسؤولية البشرية. لكن في حالة أنظمة الذكاء الاصطناعي، يصبح من الصعب تحديد من يجب أن يتحمل المسؤولية القانونية إذا ارتكبت الأنظمة أخطاء تؤدي إلى مقتل مدنيين أو وقوع جرائم حرب. هذه المسائل تثير جدلاً حول الحاجة إلى قوانين جديدة تنظم استخدام الذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية، والتأكد من وجود آليات لتقييم مسؤولية الأطراف المختلفة.
6) سباق التسلح الذكي بين القوى العظمى:
التنافس بين الولايات المتحدة، الصين، وروسيا لتطوير أنظمة AI عسكرية متقدمة:
تتصارع القوى العظمى في سباق متسارع نحو تطوير أنظمة عسكرية تعتمد على الذكاء الاصطناعي. الولايات المتحدة كانت رائدة في هذا المجال، خاصة في تطوير الطائرات بدون طيار والأسلحة الذكية، ولكن الصين وروسيا تستثمران بكثافة في تقنيات AI العسكرية، بما في ذلك الروبوتات القتالية والأسلحة السيبرانية. هذا التنافس يخلق تحديات جديدة تتعلق بالتوازن العسكري العالمي.
تأثير سباق التسلح القائم على الذكاء الاصطناعي على استقرار العلاقات الدولية:
سباق التسلح الذكي قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار الدولي. مع تطوير الدول أنظمة عسكرية أكثر تقدمًا، يمكن أن يصبح من الصعب التنبؤ بتصرفات هذه الأنظمة، مما قد يؤدي إلى تفاقم التوترات بين الدول وزيادة مخاطر اندلاع نزاعات غير محسوبة. علاوة على ذلك، فإن الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي في الحروب قد يقلل من احتمالات الحوار الدبلوماسي ويزيد من فرص حدوث تصعيد غير مقصود.
تعزيز القدرات العسكرية أو خلق تحديات أمنية جديدة:
في حين أن الذكاء الاصطناعي قد يعزز من القدرات العسكرية، إلا أنه قد يخلق أيضًا تحديات أمنية جديدة. على سبيل المثال، تطوير أنظمة قتالية تعتمد على الذكاء الاصطناعي يزيد من احتمالات الحروب السيبرانية واستخدام أسلحة سيبرانية لتخريب أنظمة العدو. كما يمكن أن تؤدي تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى تقليص الحاجة للقوات البشرية، مما قد يعزز من القوة العسكرية لبعض الدول على حساب الآخرين، ويؤدي إلى اختلال في التوازن الدولي.
7) التحديات التقنية للذكاء الاصطناعي في الحروب:
الصعوبات التي تواجه تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي العسكرية:
هناك عدة تحديات تقنية تواجه تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي (AI) العسكرية.
أولاً، الأمن السيبراني يمثل مشكلة رئيسية. أنظمة AI تعتمد بشكل كبير على البيانات والبنية التحتية الرقمية، مما يجعلها عرضة للهجمات السيبرانية. يمكن استغلال نقاط الضعف في الأنظمة الذكية لتعطيل العمليات العسكرية أو التأثير على قرارات ميدانية حساسة.
ثانيًا، دقة القرارات تعتبر تحديًا كبيرًا. تعتمد أنظمة الذكاء الاصطناعي على البيانات المتاحة لها، وقد تؤدي المعلومات غير المكتملة أو الخاطئة إلى قرارات غير دقيقة، ما قد يؤدي إلى خسائر غير مبررة في الأرواح أو تدمير غير ضروري للبنية التحتية. أيضًا، قابلية تفسير القرارات التي يتخذها AI تمثل عقبة، حيث يصعب على القادة فهم كيف وصلت الأنظمة الذكية إلى بعض القرارات.
ثالثًا، موثوقية الأنظمة تمثل عاملًا مهمًا. الأنظمة الذكية تحتاج إلى تشغيل مستمر ودقيق في ظروف بيئية وتكنولوجية متنوعة. إذا فشلت الأنظمة في بيئات معينة أو تعرضت للتعطل بسبب التداخل أو سوء الاستخدام، فإن ذلك قد يعرض العمليات العسكرية للخطر.
كيف يمكن تحسين أداء الأنظمة العسكرية؟
دور تقنيات مثل التعلم العميق (Deep Learning) والذكاء الاصطناعي التوليدي:
تكنولوجيا التعلم العميق (Deep Learning) والذكاء الاصطناعي التوليدي تلعب دورًا كبيرًا في تحسين أداء الأنظمة العسكرية. التعلم العميق يمكّن أنظمة AI من تحليل بيانات معقدة واستنباط أنماط غير مرئية للبشر، مما يساهم في اتخاذ قرارات أكثر دقة وسرعة. أما الذكاء الاصطناعي التوليدي، فيساعد في إنتاج سيناريوهات مختلفة أو خطط بديلة بناءً على معلومات متغيرة، ما يعزز من قدرة الجيوش على التكيف مع ظروف المعركة المتغيرة باستمرار.
8) مستقبل الذكاء الاصطناعي في النزاعات العسكرية:
التوقعات حول كيفية تطور دور AI في الحروب المستقبلية:
مستقبل الذكاء الاصطناعي في الحروب ينطوي على إمكانيات هائلة. يُتوقع أن تزيد أنظمة الذكاء الاصطناعي من قدرتها على التعلم الذاتي وتحليل المعلومات الميدانية بشكل فوري، مما يتيح للجيوش اتخاذ قرارات أكثر كفاءة وفعالية. أيضًا، هناك توجه نحو تطوير أنظمة قتالية ذاتية تعتمد بالكامل على AI، مثل الروبوتات القتالية والطائرات بدون طيار المتقدمة التي تستطيع تنفيذ مهام معقدة دون الحاجة إلى تدخل بشري مباشر.
السيناريوهات المحتملة لاستخدامات الذكاء الاصطناعي في الحروب القادمة:
في الحروب المستقبلية، قد نرى استخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير أنظمة “الجنود الروبوتات” التي تتمتع بقدرات قتالية عالية وتعمل في بيئات خطرة دون تدخل بشري. أيضًا، سيتم تعزيز الأنظمة الذاتية مثل الطائرات والسفن الحربية بدون طيار لتلعب أدوارًا محورية في الحروب الجوية والبحرية.
التقنيات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي التعاوني (Collaborative AI) يمكن أن تجعل الأنظمة الذكية تعمل بشكل أكثر تكاملًا مع الإنسان، ما يُحسن من أداء الفرق العسكرية ويوفر قدرة أكبر على مواجهة التحديات المعقدة في ساحات المعارك المستقبلية.
9) الذكاء الاصطناعي وصنع السلام:
كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في التنبؤ بالنزاعات وحلها بطرق سلمية:
بالإضافة إلى دوره في الحروب، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعب دورًا مهمًا في حفظ السلام والتنبؤ بالنزاعات. من خلال تحليل البيانات الضخمة المتعلقة بالتوترات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، يمكن للذكاء الاصطناعي التنبؤ بمناطق الصراع المحتملة قبل اندلاعها. على سبيل المثال، يمكنه تحديد الأنماط التي تشير إلى تصاعد النزاعات بين الجماعات أو الدول، مما يتيح للمنظمات الدولية أو الحكومات التدخل في الوقت المناسب لمنع تفاقم الصراع.
تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المفاوضات وحفظ السلام:
يمكن للذكاء الاصطناعي أيضًا المساعدة في تعزيز عمليات المفاوضات بين الأطراف المتنازعة. من خلال تحليل النصوص والخطابات والمواقف، يستطيع AI تقديم توصيات حول النقاط التي قد تساعد في تقريب وجهات النظر بين الأطراف. هذه التكنولوجيا يمكن أن تُستخدم في تحليل بيانات المفاوضات السابقة وتقديم استراتيجيات فعالة لحل النزاعات سلمياً. كما يمكن للذكاء الاصطناعي تقديم تحليلات حول الأوضاع الأمنية وتحذير الفرق الدولية من المخاطر المحتملة قبل دخولها إلى مناطق النزاع.
الخاتمة:
في ختام هذه الدراسة، يتضح أن الذكاء الاصطناعي سيستمر في لعب دور محوري في تغيير معالم الحروب والنزاعات الدولية. في حين أنه يوفر فرصًا لزيادة الكفاءة والفعالية في العمليات العسكرية، إلا أنه يثير تحديات أخلاقية وتقنية كبيرة. لا بد من توازن دقيق بين استخدام الذكاء الاصطناعي لتعزيز القدرات العسكرية وضمان الالتزام بالمبادئ الأخلاقية والقوانين الدولية. في النهاية، فإن مستقبل الذكاء الاصطناعي في الحروب سيعتمد على كيفية استخدامه وتوجيهه نحو تحقيق أهداف سلمية إلى جانب الأغراض العسكرية.
المصادر
* Scharre, Paul. Army of None: Autonomous Weapons and the Future of War. W. W. Norton & Company, 2018.
Singer, P.W. Wired for War: The Robotics Revolution and Conflict in the 21st Century. Penguin Press, 2009.
Cimbala, Stephen J. Cyber Warfare: A Multidisciplinary Analysis. Taylor & Francis, 2014.
Biddle, Stephen. Military Power: Explaining Victory and Defeat in Modern Battle. Princeton University Press, 2004.
Vincent, James. “Military AI: A Guide to the Future of War.” The Verge, 2020.
Allen, Gregory C. “Artificial Intelligence and National Security.” Center for a New American Security, 2019.
“The Ethics of Artificial Intelligence in Warfare.” AI & Society, 2021.
“AI and Future Warfare: The Legal and Ethical Challenges.” International Review of the Red Cross, 2020.